يعتبر الاستثمار في تحسين محركات البحث لعمليات البحث المحلية اليوم أحد أفضل الاستراتيجيات المتبعة خصوصاً للأنشطة التجارية بمختلف أحجامها خاصة الصغيرة والمتوسطة منها. وفقاً لآخر الاحصائيات، فإن أكثر من 46% من عمليات البحث عبر جوجل تكون حول معلومات محليّة. وغالباً ما تنتهي عمليات البحث هذه بعملية تحويل(شراء منتج، اتصال، تعبئة نموذج).
استراتيجيات تحسين البحث المحلي عبر جوجل لم تختلف كثيراً في العقد الأخير، أبرز التغييرات التي صادفتها تلك الفترة كانت متعلقة حول تحسين البحث المحلي للهواتف، وإجراء بعض التغييرات على صفحة نتائج البحث لعمليات البحث المحلية إضافة إلى تحسينات وإضافات مستمرة على حساب Google Business. لكن التغيير الأكبر الذي سيطرأ قريباً على تحسين البحث المحلي سيكون مرتبط بالذكاء الاصطناعي، وأخره إطلاق أداة Search GPT.
في هذا الدليل، سنتعرف على أهم استراتيجيات تحسين البحث المحليّ أو ما يعرف بـ Local SEO، حيث سأتطرق إلى كيفية تطبيق هذه الاستراتيجيات بشكل عمليّ سهل و مفهوم حتى لو كنت مالك لأحد الأنشطة التجارية، وفي حال واجهت صعوبة في الفهم أو التطبيق، فأنت على بعد خطوة من التواصل معي لمساعدتك!
إنشاء حساب Google Business يعتبر أهم خطوة في استراتيجيات تحسين البحث المحلي، حيث تمكنت من خلال أحد المشاريع السابقة مع أحد العملاء بتحقيق زيادة بنسبة 200% لعدد زبائن مطعم في دبي عبر تطبيقها.
تختلف الاستراتيجيات بحسب فئة النشاط التجاري الموجود ضمن حساب Google Business، لكن يمكن ذكر النقاط الرئيسية التي تتمحور حولها طرق التحسين.
ما زالت الكلمات المفتاحية حتى اليوم هي حلقة الربط الأساسية بين المحتوى والعميل الذي يبحث عنه. عند ذكر المحتوى هنا فيقصد بذلك أي محتوى يعكس احتياجات الجمهور المحلي، سواء كان ذلك مقالات أو صفحات للخدمة و منتجات أو حتى صفحات تواصل موجهة لجمهور في منطقة جغرافية محددة.
يمكن استخدام هذه الاستراتيجية بشكل موسع في عدة قنوات تسويق رقمي، أهمها:
لكن كيف يمكن الوصول إلى الكلمات المفتاحية المرتبطة بجمهورك المحلي؟ الحل بسيط! إما باستخدام الأدوات مثل (Google Keywords Planner, Ahref, Semrush) أو بالاعتماد على جوجل و حساب Google Business من لوحة الاحصائيات و Google Trends.
الطريقة المفضلة بالنسبة لي هي جوجل و مراقبة الجمهور المحلي (أو ما يعرف بـ social listening)، حيث لا يمكن لأي أداة توقع كافة كلمات البحث المرتبطة بالخدمة أو المنتج الذي تقدمه. تشير الإحصائيات إلى أن 16% إلى 20% من عمليات البحث على جوجل كل عام هي كلمات جديدة لم يتم البحث عنها سابقًا من قبل المستخدمين. هذا يعني أن هناك ما يقرب من 3.5 مليار عملية بحث يوميًا، مما يشير إلى أن عددًا كبيرًا من هذه العمليات يتضمن كلمات أو عبارات جديدة.
مثال تطبيقي:
لنفترض أنه لديك شركة تصميم داخلي في إمارة دبي، سيكون من البديهي حينها الوصول إلى كلمات مفتاحية مناسبة لجمهورك عبر جوجل مثل:
وفقاً للعبارات السابقة، يمكن استنتاج الاستراتيجية المتبعة للوصول إلى كلمات مفتاحية من المؤكد أن جمهورك المستهدف يستخدمها:
لكن محركات البحث اليوم أذكى من ذي قبل، خصوصاً مع توفر الوصول إلى الموقع الجغرافي للمستخدمين عند استخدام الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية أثناء عمليات البحث، مما ساهم في تطور كلمات البحث، حيث العديد من الأمثلة السابقة لم يعد المستخدمون بحاجة إلى ذكر [موقع الشركة] للوصول إلى غايتهم.
من المهم الإشارة إلى أن هذه النوعية من الكلمات المفتاحية تنافسية للغاية، حيث لا يكفي الوصول فقط إلى الكلمات المفتاحية واستخدامها في المحتوى، بل يتطلب الأمر بناء استراتيجية متكاملة حولها. فيما يلي أهم الأماكن في الموقع الإلكتروني التي ينبغي استخدام الكلمات المفتاحية فيها:
وبالطبع، فإن قنوات التسويق الرقمي الأخرى المذكورة سابقاً، هي مكان مناسب أيضاً لاستخدام الكلمات المفتاحية ضمنها.
يقصد بالروابط المحليّة هنا بناء الروابط (Backlinks) مع المواقع الأخرى المحلية التي تهم الجمهور المستهدف. سابقاً، كانت عملية الحصول على روابط تدعم سمعة موقعك ونشاطك التجاري سهلة للغاية، حيث كان يكفي أن تحقق بعض المبيعات وتنشر محتوى ذو قيمة عالية ليتهافت أصحاب المواقع الأخرى لمشاركة أرقامك ومحتواك عندهم.
أما اليوم، فإن الأمور تغيرت قليلاً على السابق، عملية بناء الروابط هي نفسها لكنها أصعب من ذي قبل. أي لا تتوقع أن تكون الأمور بهذه البساطة لتحصل على رابط ذو قيمة لموقعك الإلكتروني، بل عليك أن تكون نشط أكثر و ربما “الدفع” لتحقيق غايتك النهائية.
يجب أن تعرف أن أصحاب ومدراء المواقع الموثوقة سواء كانت تجارية أو صحفية يتوقعون أن يحصلوا على مقابل عند الترويج لنشاطك التجاري، الأمر أشبه إلى حد ما بالحملات الإعلانية المدفوعة التي يمكن القيام بها على المنصات المختلفة.
إن ما ذكر أعلاه، كفيل أن يكون خطوة أولى نحو اكتساب عدد لا بأس به من الروابط المحلية القويّة، والتي ستساهم بشكل كبير في التأثير الإيجابي على ترتيب موقعك في نتائج البحث، وبناء المصداقية حوله.
مثال تطبيقي:
لنفترض أن لديك متجر ورد وأزهار في دبي، يمكن من خلال جوجل الوصول إلى المواقع الإخبارية التي سبق وأن غطت أخبار أو مقالات عن متاجر أخرى بنفس الفئة.
اكتب متجر ورد في دبي، ومن ثم اذهب إلى قسم “أخبار” في محرك البحث. يمكنك حينها تسجيل قائمة بالمواقع التي تهتم بمجال نشاطك التجاري. ومن ثم التواصل معها لاحقاً لإجراء لقاء أو تغطية مع التأكيد على موضوع ذكر موقع متجرك ضمنها.
التفاعل مع الجمهور المحلي يعد عنصراً مهماً لتعزيز ظهور النشاط التجاري في نتائج البحث المحلي، وزيادة الثقة مع العملاء المحتملين. يشمل التفاعل الاجتماعي مع الجمهور عدة استراتيجيات لبناء علاقة قوية ومباشرة مع العملاء الذين يعيشون في المنطقة المستهدفة.
باتباع هذه الأساليب، يمكن للنشاط التجاري بناء علاقة قوية مع العملاء المحليين وزيادة فرصهم في التفاعل بشكل إيجابي مع المحتوى، مما يساهم في تحسين ترتيب النشاط التجاري في نتائج البحث المحلي وجذب المزيد من العملاء المحتملين.
أصبح الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات من العناصر الأساسية في تحسين البحث المحلي، حيث يتيحان فهم أفضل لاحتياجات الجمهور المحلي وتفضيلاته، مما يساهم في تحسين استراتيجيات التسويق والوصول للعملاء. عبر جمع وتحليل البيانات المتعلقة بسلوك العملاء في المنطقة المستهدفة، يمكن للنشاط التجاري اتخاذ قرارات أكثر دقة وفعالية.
تحليل سلوك العملاء المحليين: باستخدام الذكاء الاصطناعي، يمكن تحليل الأنماط السلوكية للعملاء المحتملين، مثل الأوقات التي يميلون فيها لزيارة الموقع أو أكثر المنتجات التي يهتمون بها. هذا التحليل يسهم في تخصيص العروض الترويجية وتحديد الأوقات المثلى لنشر المحتوى بما يتناسب مع تفضيلات العملاء المحليين، مما يزيد من فرص التفاعل ورفع معدلات التحويل.
التنبؤ بالاتجاهات المحلية: يمكن للذكاء الاصطناعي التنبؤ بالاتجاهات القادمة في سلوك الجمهور استناداً إلى البيانات الحالية، مثل زيادة الاهتمام بنوع معين من المنتجات أو الخدمات. هذه التنبؤات تساعد النشاط التجاري على التكيف بسرعة وتقديم محتوى وخدمات متوافقة مع توجهات الجمهور قبل المنافسين، مما يمنحهم ميزة تنافسية.
تحسين تجربة المستخدم: من خلال تحليل البيانات، يمكن تحسين تجربة المستخدم على الموقع أو التطبيق ليصبح أكثر توافقاً مع احتياجات العملاء المحليين. على سبيل المثال، قد يتبين من خلال التحليل أن نسبة كبيرة من المستخدمين المحليين يفضلون تصفح الموقع عبر الهواتف المحمولة، مما يستدعي تحسين تجربة التصفح على الأجهزة المحمولة لضمان سهولة الوصول للمعلومات وتقديم تجربة مميزة تلائم استخدامهم.
تحليل التفاعل الاجتماعي: يمكن تحليل تعليقات وآراء العملاء على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل دوري، مما يسمح بتحديد أهم المواضيع التي تثير اهتمامهم أو استفساراتهم المتكررة. يساعد ذلك على تطوير محتوى يلبي احتياجات العملاء وإجابتهم بفاعلية، بالإضافة إلى معالجة أي ملاحظات أو اقتراحات قد يقدمها العملاء.
التخصيص المحلي للمحتوى: الذكاء الاصطناعي يساعد على تخصيص المحتوى بما يتوافق مع اهتمامات المنطقة المستهدفة. فعلى سبيل المثال، يمكن عرض منتجات أو خدمات معينة تتماشى مع الاحتياجات المحلية أو تقديم توصيات تستند إلى بيانات مبيعات سابقة في المنطقة. هذه الاستراتيجية تجعل المحتوى أكثر ملاءمة وجاذبية للعملاء المحتملين.
من خلال استغلال إمكانات الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات، يمكن للنشاط التجاري في المنطقة العربية تحقيق مستويات أعلى من التفاعل، واستهداف الجمهور المحلي بدقة أكبر، وتحسين حضوره في نتائج البحث المحلي بشكل مستمر.
تحسين البحث المحلي يعدّ خطوة مهمة لرفع مستوى الوعي بالنشاط التجاري وتعزيز فرص الوصول إلى العملاء المحتملين في المنطقة المستهدفة. تلخص هذه الاستراتيجيات بضرورة تحديث معلومات Google Business باستمرار، والتركيز على الكلمات المفتاحية المحلية، إلى جانب تحقيق تفاعل حقيقي وفعّال مع الجمهور المحلي. يساعد الاستثمار في تحسين البحث المحلي على تحسين ترتيب النشاط التجاري في نتائج البحث، مما يؤدي إلى جذب عدد أكبر من العملاء المحتملين وزيادة معدلات التفاعل.
من الضروري تطبيق الخطوات الموضحة في هذا الدليل بانتظام وتحديث الاستراتيجيات بناءً على التغييرات المستمرة في تقنيات تحسين محركات البحث. متابعة أحدث التطورات في مجال تحسين البحث المحلي وتجربة أساليب جديدة ستمكن النشاط التجاري من الاستفادة من إمكانيات البحث المحلي إلى أقصى حد، ما يعزز نموه واستمراريته في سوق يتسم بالتنافس الشديد.
أنا أشارك خبراتي في تسويق محركات البحث من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، فتابعني إذا كنت مهتمًا بهذا المجال!